فصل: الإجبار والإكراه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


التفات

التّعريف

1 - الالتفات‏:‏ هو لغةً‏:‏ الانصراف إلى جهة اليمين أو الشّمال‏.‏

وعند الفقهاء لا يختلف استعمال اللّفظ عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

2 - انحراف‏:‏

الانحراف هو‏:‏ الميل عن الشّيء، وهو غير الالتفات، فقد يميل الإنسان وهو في نفس الاتّجاه‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

الالتفات تارةً يطلب شرعاً، وأحياناً ينهى عنه‏.‏

3 - وممّا يطلب فيه الالتفات‏:‏ الأذان، فعند الحيعلتين يستحبّ الالتفات عند أغلب الفقهاء، لفعل بلالٍ رضي الله عنه، واستثنى بعض الفقهاء من ذلك ما إذا كان يؤذّن لنفسه، أو لجماعةٍ صغيرةٍ، أو لمولودٍ‏.‏ وللالتفات كيفيّات ثلاث يذكرها الفقهاء في ‏(‏الأذان‏)‏‏.‏

ويسنّ الالتفات كذلك عند تسليم المصلّي، يلتفت يميناً وشمالاً، روى النّسائيّ عن عبد اللّه بن مسعودٍ رضي الله عنه «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يسلّم عن يمينه‏:‏ السّلام عليكم ورحمة اللّه، حتّى يرى بياض خدّه الأيمن، وعن يساره‏:‏ السّلام عليكم ورحمة اللّه، حتّى يرى بياض خدّه الأيسر»‏.‏ وتفصيل ذلك يذكره الفقهاء في ‏(‏التّسليم‏)‏‏.‏

4 - أمّا الالتفات المنهيّ عنه، فمنه‏:‏ الالتفات في الصّلاة، وهو إمّا بالوجه أو بغيره، فعند الأئمّة الأربعة يكره الالتفات بالوجه في الصّلاة، عن أنسٍ رضي الله عنه قال لي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «يا بنيّ إيّاك والالتفات في الصّلاة، فإنّ الالتفات في الصّلاة هلكة، فإن كان لا بدّ ففي التّطوّع لا في الفريضة»‏.‏

أمّا الالتفات بالصّدر أو بالبدن كلّه فمن الفقهاء من كره ذلك، ومنهم من قال‏:‏ تبطل به الصّلاة إن حوّل قدميه، وتفصيل ذلك كلّه يذكره الفقهاء في ‏(‏استقبال القبلة‏)‏‏.‏

وفي الخطبة نصّ الفقهاء على كراهة التفات الخطيب، ومنهم من ذكر كراهية التفات المستمع، وتفصيل ذلك بيّنه الفقهاء في ‏(‏خطبة الجمعة‏)‏‏.‏

التقاء الختانين

انظر‏:‏ وطء‏.‏

التقاط

انظر‏:‏ لقطة‏.‏

التماس

التّعريف

1 - الالتماس لغةً‏:‏ الطّلب، والتّلمّس‏:‏ التّطلّب مرّةً بعد أخرى‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ هو الطّلب مع التّساوي بين الأمر والمأمور‏.‏

الحكم الإجماليّ

2 - قد يكون الالتماس مطلوباً أو ممنوعاً‏.‏

3 - فالالتماس المطلوب مثل‏:‏ التماس رؤية هلال رمضان، وهو واجب عند الحنفيّة، ومندوب عند جمهور الفقهاء‏.‏ والتماس الماء قبل التّيمّم فإنّه واجب عند الفقهاء - ر - ‏(‏صيام وتيمّم‏)‏‏.‏

والتماس ليلة القدر في قيام اللّيل، فإنّه مستحبّ‏.‏ ‏(‏ر - صيام - قيام اللّيل‏)‏‏.‏

4 - أمّا الالتماس الممنوع، فهو إذا كان الشّيء الملتمس قد حرّمه الشّرع، كالتماس الخمر وبقيّة المحظورات الّتي حرّمها الشّارع‏.‏ ‏(‏ر - أشربة‏)‏‏.‏

ألثغ

التّعريف

1 - الألثغ لغةً‏:‏ من به لثغة، واللّثغة‏:‏ حبسة في اللّسان حتّى تصير الرّاء لاماً أو غيناً، أو السّين ثاءً ونحو ذلك‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

2 - الأرتّ، وهو من يدغم الحرف في الحرف ممّا لا يدغم في كلام النّاس‏.‏

والتّأتاء، وهو من يكرّر التّاء‏.‏

والفأفاء، وهو من يكرّر الفاء‏.‏‏.‏

الحكم الإجماليّ

3 - اللّثغة صفة نقصٍ في إمام الصّلاة‏.‏

فذهب الجمهور‏:‏ الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة في قولٍ، والحنابلة سوى القاضي منهم، إلى إلحاق الألثغ بالأمّيّ في الإمامة، فيمنع اقتداء السّالم به، ويجوز له أن يؤمّ مثله، وذهب المالكيّة في قولٍ آخر، والقاضي من الحنابلة إلى صحّة إمامته مع الكراهة، فيأثم المقتدي به إن وجد غيره ممّن يحسن القراءة، وإلاّ فلا‏.‏

غير أنّ الشّافعيّة اشترطوا لصحّة إمامة الألثغ بمثله أن تكون اللّثغة في كلمةٍ واحدةٍ‏.‏ فإن كان أحدهما يلثغ في كلمةٍ، والآخر يلثغ في غيرها لم تصحّ إمامة أحدهما للآخر‏.‏

قال ابن تيميّة‏:‏ وأمّا من لا يقيم قراءة الفاتحة، فلا يصلّي خلفه إلاّ من هو مثله، فلا يصلّي خلف الألثغ الّذي يبدّل حرفاً بحرفٍ، إلاّ حرف الضّاد إذا أخرجه من طرف الفم، كما هو عادة كثيرٍ من النّاس، فهذا فيه وجهان‏:‏

منهم من قال‏:‏ لا يصلّي خلفه، ولا تصحّ صلاته في نفسه، لأنّه أبدل حرفاً بحرفٍ، لأنّ مخرج الضّاد الشّدق، ومخرج الظّاء طرف الأسنان‏.‏ فإذا قال‏:‏ ‏(‏ولا الظّالّين‏)‏ كان معناه ظلّ يفعل كذا‏.‏

والوجه الثّاني‏:‏ تصحّ، وهذا أقرب، لأنّ الحرفين في السّمع شيء واحد، وحسّ أحدهما من جنس حسّ الآخر لتشابه المخرجين‏.‏ والقارئ إنّما يقصد الضّلال المخالف للهدى، وهو الّذي يفهمه المستمع، فأمّا المعنى المأخوذ من ظلّ فلا يخطر ببال واحدٍ، وهذا بخلاف الحرفين المختلفين صوتاً ومخرجاً وسمعاً، كإبدال الرّاء بالغين، فإنّ هذا لا يحصل به مقصود القراءة‏.‏

وفي الدّماء، والدّيات‏:‏ لا فرق بين الجناية على لسان السّليم، ولسان الألثغ، صرّح بذلك الشّافعيّة، وهو ما يفهم من فروع غيرهم‏.‏

أمّا في إذهاب الكلام، فيراعى قسط اللّثغة، فلو جنى على سليمٍ فأصابته لثغة فإنّ أغلب الفقهاء يوجب دية الحرف المبدل، على خلافٍ وتفصيلٍ بينهم في عدد الحروف الّتي تقسم عليها الدّية، وكذا مخارج الحروف‏.‏

وعند المالكيّة يقدّر ذلك بالاجتهاد، ولا يحسب على عدد الحروف، وهو قول للحنفيّة‏.‏ فإن منعت الجناية نطق الألثغ، فإنّ بعض الفقهاء أوجب الدّية كاملةً فيه، وقال البعض لا يجب إلاّ قسط الحروف الذّاهبة‏.‏ وبالإضافة إلى ما تقدّم يتكلّم الفقهاء عن اللّثغة في الطّلاق، كما إذا قال لزوجته‏:‏ أنت تالق بدل طالق‏.‏

إلجاء

انظر‏:‏ إكراه‏.‏

إلحاد

التّعريف

1 - الإلحاد في اللّغة، واللّحد‏:‏ الميل والعدول عن الشّيء، ومنه‏:‏ لحد القبر وإلحاده أي جعل الشّقّ في جانبه لا في وسطه‏.‏ وألحدت الميّت، ولحدته‏:‏ جعلته في اللّحد، أو عملت له لحداً‏.‏

ويستعمل الإلحاد في الاصطلاح بمعانٍ منها‏:‏

الإلحاد في الدّين، وهو‏:‏ الطّعن فيه أو الخروج عنه‏.‏

ومنها‏:‏ الإخلال بما يستحقّه المسجد الحرام بفعل المحرّمات فيه، أو منع عمارته والصّدّ عنه‏.‏ قال ابن عابدين‏:‏ الإلحاد في الدّين‏:‏ هو الميل عن الشّرع القويم إلى جهةٍ من جهات الكفر كالباطنيّة الّذين يدّعون أنّ للقرآن ظاهراً، وأنّهم يعلمون الباطن، فأحالوا بذلك الشّريعة، لأنّهم تأوّلوا بما يخالف العربيّة الّتي نزل بها القرآن‏.‏

ومن الإلحاد‏:‏ الطّعن في الدّين مع ادّعاء الإسلام، أو التّأويل في ضرورات الدّين لإجراء الأهواء‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الرّدّة‏:‏

2 - الرّدّة لغةً‏:‏ هي الرّجعة مطلقاً‏.‏

وشرعاً‏:‏ هي كفر المسلم البالغ العاقل المختار الّذي ثبت إسلامه ولو ببنوّته لمسلمٍ، وإن لم ينطق بالشّهادتين‏.‏ أو كفر من نطق بهما عالماً بأركان الإسلام ملتزماً بها، ويكون ذلك بالإتيان بصريح الكفر بلفظٍ يقتضيه، أو فعلٍ يتضمّنه ونحو ذلك‏.‏ وهذا التّعريف هو أجمع التّعاريف في الرّدّة‏.‏

ب - النّفاق‏:‏

3 - النّفاق‏:‏ إظهار الإيمان باللّسان، وكتمان الكفر بالقلب‏.‏ ولا يطلق هذا الاسم على من يظهر شيئاً ويخفي غيره ممّا لا يختصّ بالعقيدة‏.‏

ج - الزّندقة‏:‏

4 - الزّندقة‏:‏ إبطان الكفر والاعتراف بنبوّة نبيّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم ويعرف ذلك من أقوال الزّنديق وأفعاله‏.‏ وقيل‏:‏ هو من لا دين له‏.‏

ومن الزّندقة‏:‏ الإباحيّة، وهي‏:‏ الاعتقاد بإباحة المحرّمات، وأنّ الأموال والحرم مشتركة‏.‏

د - الدّهريّة‏:‏

5 - الدّهريّ‏:‏ من يقول بقدم الدّهر، ولا يؤمن بالبعث، وينكر حشر الأجساد ويقول‏:‏ ‏{‏إن هي إلاّ حياتنا الدّنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلاّ الدّهر‏}‏ مع إنكار إسناد الحوادث إلى الصّانع المختار سبحانه وتعالى‏.‏

الفرق بين كلٍّ من الزّندقة والنّفاق والدّهريّة وبين الإلحاد

6 - نقل ابن عابدين عن ابن كمالٍ باشا قوله‏:‏ الزّنديق في لغة العرب يطلق على‏:‏ من ينفي الباري تعالى، وعلى من يثبت الشّريك، وعلى من ينكر حكمته‏.‏ والفرق بينه وبين المرتدّ العموم الوجهيّ، لأنّه قد لا يكون مرتدّاً، كما لو كان زنديقاً أصليّاً غير منتقلٍ عن دين الإسلام‏.‏ والمرتدّ قد لا يكون زنديقاً، كما لو تنصّر أو تهوّد‏.‏ وقد يكون مسلماً فيتزندق‏.‏ وأمّا في اصطلاح الشّرع فالفرق أظهر، لاعتبارهم فيه إبطان الكفر والاعتراف بنبوّة نبيّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم، والفرق بين الزّنديق والمنافق والدّهريّ والملحد - مع الاشتراك في إبطان الكفر - أنّ المنافق غير معترفٍ بنبوّة نبيّنا محمّدٍ صلى الله عليه وسلم والدّهريّ كذلك مع إنكار إسناد الحوادث إلى الصّانع المختار سبحانه وتعالى، والملحد لا يشترط فيه الاعتراف بنبوّة نبيّنا صلى الله عليه وسلم ولا بوجود الصّانع تعالى‏.‏ وبهذا فارق الدّهريّ أيضاً‏.‏ ولا يعتبر فيه إضمار الكفر، وبه فارق المنافق‏.‏ كما لا يعتبر فيه سبق الإسلام وبه فارق المرتدّ‏.‏ فالملحد أوسع فرق الكفر حدّاً، وأعمّ في الجملة من الكلّ‏.‏ أي هو معنى الكافر مطلقاً، تقدّمه إسلامه أم لا، أظهر كفره أم أبطنه‏.‏

الإلحاد في الحرم

7 - الإلحاد في الحرم هو الميل بالظّلم فيه‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إنّ الّذين كفروا ويصدّون عن سبيل اللّه والمسجد الحرام الّذي جعلناه للنّاس سواءً العاكف فيه والبّاد ومن يرد فيه بإلحادٍ بظلمٍ نذقه من عذابٍ أليمٍ‏}‏ وقد اختلف في معنى الإلحاد في الحرم على أقوالٍ منها‏:‏

أ - قال ابن مسعودٍ‏:‏ الإلحاد هو الشّرك، وقال أيضاً هو استحلال الحرام‏.‏

ب - قال الجصّاص‏:‏ المراد به انتهاك حرمة الحرم بالظّلم فيه‏.‏

ج - قال مجاهد‏:‏ هو العمل السّيّئ‏.‏

د - الإلحاد في الحرم هو منع النّاس عن عمارته‏.‏

هـ- قال سعيد بن جبيرٍ هو الاحتكار‏.‏ قال ابن حيّان‏:‏ الأولى حمل هذه الأقوال في الآية على التّمثيل لا على الحصر، إذ الكلام يدلّ على العموم‏.‏

وقد عظّم اللّه الذّنب في الحرم، وبيّن أنّ الجنايات تعظم على قدر عظم الزّمان كالأشهر الحرم، وعلى قدر المكان كالبلد الحرام، فتكون المعصية معصيتين‏:‏ إحداهما المخالفة، والثّانية إسقاط حرمة الشّهر الحرام أو البلد الحرام‏.‏

إلحاد الميّت

8 - إلحاد الميّت في القبر سنّة عند الحنفيّة والحنابلة، لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «اللّحد لنا والشّقّ لغيرنا» ولما رواه مسلم من حديث سعد بن أبي وقّاصٍ رضي الله عنه «أنّه قال في مرضه الّذي مات فيه الحدوا لي لحداً، وانصبوا عليّ اللّبن، كما صنع برسول اللّه صلى الله عليه وسلم»‏.‏

وذهب المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّه مستحبّ، لما روي أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال للحافر‏:‏ «أوسع من قبل رأسه، وأوسع من قبل رجله»‏.‏ ولقول الرّسول صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ‏:‏ «احفروا، وأوسعوا، وعمّقوا» ولما روى ابن ماجه عن أنسٍ «لمّا توفّي النّبيّ صلى الله عليه وسلم وكان بالمدينة رجل يلحد وآخر يضرح، فقالوا‏:‏ نستخير ربّنا ونبعث إليهما، فأيّهما سبق تركناه، فأرسل إليهما، فسبق صاحب اللّحد، فلحدوا النّبيّ صلى الله عليه وسلم» وهذا عند الجميع إذا كانت الأرض صلبةً، أمّا إذا كانت رخوةً فإنّه يصار إلى الشّقّ بدون خلافٍ ويكون أفضل، ويكون اللّحد إلى جهة القبلة بقدر الميّت‏.‏‏.‏

الإلحاد في الدّين

9 - الملحد إمّا أن يكون في الأصل على الشّرك، فحكمه ينظر تحت عنوان ‏(‏إشراك‏)‏، أو يكون ذمّيّاً فيلحد أي يطعن في الدّين جهاراً، فينتقض بذلك عهده، وينظر حكمه تحت عنوان ‏(‏أهل الذّمّة‏)‏ أو يكون مسلماً فيلحد، فينظر حكمه تحت عنوان ‏(‏ارتداد - زندقة‏)‏‏.‏

الآثار المترتّبة على الإلحاد

10 - من ألحد بعد إسلامٍ والعياذ باللّه، إمّا أن يستتاب على رأي من قال بذلك، فيأخذ حكم المرتدّ في العبادات في الجملة في حالة رجوعه عن إلحاده، من نقض وضوئه بالإلحاد وعدمه، ومن قضائه للعبادات، وأدائه ما عليه من زكاةٍ، وقضائه للحجّ قبل الإلحاد وبعده‏.‏ كما يأخذ حكمه كذلك في غير العبادات، من سقوط شفعته بالرّدّة ونفاذ عقوده وعدمها، وبينونة امرأته، ولزوم المهر، والنّفقة، وانفساخ النّكاح‏.‏ كما يأخذ حكمه في الجنايات والدّيون على الخلاف المذكور بين العلماء‏.‏ والّذي يرجع إليه في مصطلح ‏(‏ردّة‏)‏‏.‏

وأمّا إذا لم يستتب فإنّه يأخذ حكم المرتدّ المقتول في الرّدّة، من حيث زوال ملكه عن أمواله، وحكم تلك الأموال بعد الموت في الميراث، ومن حيث سقوط وصيّته أو عدمه، وقضاء ديونه بعد الموت، ويراجع في ذلك مصطلح ‏(‏ردّة‏)‏‏.‏

إلحاق

التّعريف

1 - الإلحاق في اللّغة‏:‏ الاتّباع‏.‏ يقال‏:‏ ألحقته به‏:‏ إذا أتبعته إيّاه حتّى لحقه‏.‏ واستعمل الفقهاء والأصوليّون إلحاق الفروع بالأصول في القياس‏.‏ ومن ذلك قول ابن قدامة في روضة النّاظر‏:‏ إنّ الإلحاق يسمّى قياساً، إذا بيّنت العلّة الجامعة وأثبت وجودها في الفرع‏.‏ وجرى على لسان بعض الفقهاء في تعريف القياس بأنّه‏:‏ إلحاق المسكوت بالمنطوق‏.‏ وجرى أيضاً على ألسنتهم‏:‏ إلحاق الولد بمن ادّعاه كما في مسألة اللّقيط، حتّى إنّ إطلاق لفظ ‏(‏الإلحاق‏)‏ ينصرف إلى الإلحاق في النّسب‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

القياس‏:‏

2 - يظهر من تتبّع أقوال الفقهاء أنّ الإلحاق يأتي بمعنيين‏:‏

الأوّل‏:‏ القياس، بإلحاق الفرع بالأصل لوجود علّةٍ مشتركةٍ يتعدّى بها الحكم من الأصل إلى الفرع بشروطه، فهو حمل الشّيء على غيره بإجراء حكمه عليه لعلّةٍ مشتركةٍ‏.‏

والثّاني‏:‏ إلحاق الإنسان المجهول النّسب بمن ادّعاه، فإنّه يصحّ بشروطه، كما يعرف في باب النّسب‏.‏

3 - والإلحاق له طريقان‏:‏

الطّريق الأوّل‏:‏ إلغاء الفارق المؤثّر في الحكم لكي يشمل المسكوت عنه فلا يحتاج إلى التّعرّض للعلّة الجامعة لكثرة ما فيه من الاجتماع، وقد اختلف في تسمية هذا قياساً‏.‏ والطّريق الثّاني‏:‏ أن يتعرّض للجامع ويبيّن وجوده في الفرع، وهذا هو المتّفق على تسميته قياساً‏.‏

الحكم الإجماليّ

4 - نظراً لأنّ الإلحاق إتباع الشّيء بالشّيء فيقتضي أن يكون الحكم في الملحق نفس الحكم الّذي في الملحق به‏.‏ ولتطبيق هذه القاعدة أمثلة كثيرة منها‏:‏

أوّلاً‏:‏ إلحاق جنين المذكّاة بأمّه‏:‏

5 - ذهب جمهور الفقهاء ‏(‏المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة والصّاحبان من الحنفيّة‏)‏ إلى إلحاق جنين المذكّاة بها، إذا كان كامل الخلقة، ومات بذبح أمّه، فهذا إلحاق من حيث اللّغة‏.‏ وإنّما قالوا ذلك لما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «ذكاة الجنين ذكاة أمّه»‏.‏ ولأنّ جنين الدّابّة تبع فيباع ببيع الأمّ، ولذا يأخذ جنين المذكّاة حكم المذكّاة بالتّبع، وهذا إن كان قد أشعر على رأيٍ، وقيل‏:‏ لا يشترط ذلك‏.‏

وخالفهم في ذلك أبو حنيفة وزفر فذهبا إلى أنّه لا يحلّ الجنين إلاّ إذا أدرك حيّاً وذبح‏.‏ كذلك لا يمكن إلحاق الجنين الّذي ظهر من الأمّ حيّاً فمات بعدها بدون الذّبح‏.‏

ويرجع لتفصيله إلى مصطلحي ‏(‏ذبيحة‏)‏ ‏(‏وذكاة‏)‏‏.‏

ثانياً‏:‏ إلحاق صغار السّوائم بالكبار في الذّكاة‏:‏

6 - لا خلاف بين فقهاء المذاهب في إلحاق صغار السّوائم بالكبار في وجوب الزّكاة فيها، إذا اجتمعت مع الكبار وتمّ الحول عليها‏.‏ أمّا إذا كانت كلّها صغاراً فصلاناً أو حملاناً أو عجاجيل، فلا زكاة فيها عند أبي حنيفة ومحمّدٍ وهو رواية عن أحمد‏.‏ وقال المالكيّة، وهي المذهب عند الحنابلة، وهو قول الشّافعيّ في القديم، وإليه ذهب زفر من الحنفيّة‏:‏ يجب في الصّغار ما يجب في الكبار إلحاقاً‏.‏

وقال أبو يوسف، والشّافعيّ في الجديد‏:‏ يجب فيها واحدة منها، وصورته إذا كان له نصاب من الكبار ثمّ ماتت الأمّهات، وتمّ الحول على الأولاد وهي صغار‏.‏

وتفصيله في مصطلح ‏(‏ذكاة‏)‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ إلحاق توابع المبيع به في البيع‏:‏

7 - يدخل الجنين في بيع الأمّ تبعاً، ولا يفرد بالبيع، لأنّ التّابع تابع‏.‏ وكذلك حقّ المرور والشّرب يدخلان في بيع الأرض تبعاً‏.‏ وولد البقرة المشتراة للّبن داخل في بيع الأمّ‏.‏ ويدخل الغراس في بيع الأرض، وتدخل الأرض وما يتّصل بها في بيع الدّار‏.‏ وكذلك كلّ ما يعتبر من توابع المبيع يدخل في البيع إلحاقاً، ويأخذ حكم المبيع على تفصيلٍ وخلافٍ في ذلك ينظر في موضعه‏.‏

مواطن البحث

8 - تكلّم الفقهاء عن إلحاق الفروع بالأصول في بحث ‏(‏القياس‏)‏، وفي ‏(‏البيع‏)‏ في إلحاق الثّمر بالشّجر، وإلحاق الثّمار الّتي لم يبد صلاحها بما بدا صلاحه منها‏.‏ وإلحاق توابع المبيع بالمبيع، وإلحاق الولد بخير الأبوين في ‏(‏الدّيانة‏)‏ إن كانا مختلفين ديناً، ومسائل أخرى‏.‏ لكن أكثر ما يتعرّضون فيه للإلحاق هو في بحث ‏(‏النّسب‏)‏ في إلحاق مجهول النّسب بمن ادّعاه بشروطه، فليرجع لتفصيله إلى تلك المواضع‏.‏

إلزام

التّعريف

1 - الإلزام مصدر ألزم المتعدّي بالهمزة، وهو من لزم، يقال‏:‏ لزم يلزم لزوماً‏:‏ ثبت ودام، وألزمته‏:‏ أثبتّه وأدمته، وألزمته المال والعمل وغيره فالتزمه، ولزمه المال‏:‏ وجب عليه، وألزمه إيّاه فالتزمه‏.‏

ويقول الرّاغب‏:‏ الإلزام ضربان‏:‏ إلزام بالتّسخير من اللّه تعالى أو من الإنسان، وإلزام بالحكم والأمر، نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أنلزمكموها وأنتم لها كارهون‏}‏ وقوله ‏{‏وألزمهم كلمة التّقوى‏}‏‏.‏ فيكون معنى الإلزام‏:‏ الإيجاب على الغير‏.‏

ولا يخرج الفقهاء في استعمالهم عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

الإيجاب‏:‏

2 - وجب الشّيء يجب وجوباً أي‏:‏ لزم، وأوجبه هو وأوجبه اللّه تعالى‏.‏ وفي حديث عمر رضي الله عنه أنّه أوجب نجيباً، أي أهداه في حجٍّ أو عمرةٍ كأنّه ألزم نفسه به، وأوجبه إيجاباً أي ألزمه‏.‏

وقد فرّق أبو هلالٍ العسكريّ بين الإيجاب والإلزام فقال‏:‏ الإلزام يكون في الحقّ والباطل، يقال‏:‏ ألزمته الحقّ والباطل‏.‏ والإيجاب لا يستعمل إلاّ فيما هو حقّ، فإن استعمل في غيره فهو مجاز، والمراد به الإلزام‏.‏

الإجبار والإكراه

3 - الإجبار والإكراه هما الحمل على الشّيء قهراً، والإلزام قد يكون بالقهر وهو ما يسمّى بالإلزام الحسّيّ، وقد يكون بدونه‏.‏

الالتزام‏:‏

4 - الالتزام هو‏:‏ إلزام الشّخص نفسه شيئاً من المعروف‏.‏

فالالتزام يكون من الإنسان على نفسه كالنّذر والوعد، والإلزام يكون منه على الغير كإنشاء الإلزام من القاضي‏.‏ والالتزام يكون واقعاً على الشّيء، يقال‏:‏ التزمت العمل، والإلزام يقع على الشّخص، يقال‏:‏ ألزمت فلاناً المال‏.‏

الحكم الإجمالي

5 - الأصل امتناع الإلزام من النّاس بعضهم لبعضٍ لما فيه من التّسلّط، وإنّما يكون الإلزام من اللّه تعالى لعباده ومخلوقاته، إمّا بطريق التّسخير، وإمّا بطريق الحكم والأمر‏.‏

وقد يقع الإلزام من النّاس بعضهم لبعضٍ بتسليط اللّه تعالى، وذلك بطريق الولاية سواء أكانت خاصّةً أم عامّةً، وحينئذٍ قد يكون الإلزام واجباً، فإنّ الإمام يجب عليه إلزام النّاس بالأخذ بشريعة الإسلام، وله سلطة إلزامهم بالقوّة وحملهم على فعل الواجبات وترك المحرّمات‏.‏ ولقد قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «والّذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطبٍ فيحطب، ثمّ آمر بالصّلاة فتقام، ثمّ آمر رجلاً فيصلّي بالنّاس، ثمّ أنطلق معي برجالٍ معهم حزم من حطبٍ إلى قومٍ لا يشهدون الصّلاة فأحرّق عليهم بيوتهم بالنّار»‏.‏

وقد قاتل أبو بكرٍ رضي الله تعالى عنه مانعي الزّكاة‏.‏ ومن امتنع من أداء حقوق الآدميّين من ديون وغيرها أخذت منه جبراً إذا أمكن، ويحبس بها إذا تعذّرت، إلاّ أن يكون معسراً فينظر إلى ميسرته‏.‏

بل إنّ الشّعائر الّتي ليست بفرضٍ، فإنّ للإمام إلزام النّاس بها كما إذا اجتمع أهل بلدٍ على ترك الأذان، فإنّ الإمام أو نائبه يقاتلهم، لأنّه من شعائر الإسلام الظّاهرة‏.‏ وكذلك القاضي والمحتسب لهم هذا الحقّ فيما وكّل إليهم‏.‏

وقد يكون الإلزام حراماً، وذلك في الأمر بالظّلم، لقول النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق»، وعلى ذلك فمن أمره الوالي بقتل رجلٍ ظلماً أو قطعه أو جلده أو أخذ ماله أو بيع متاعه فلا يفعل شيئاً من ذلك‏.‏

وقد يكون الإلزام جائزاً كإلزام الوالي بعض النّاس بالمباحات لمصلحةٍ يراها، وإلزام الرّجل زوجته بالامتناع عن مباحٍ‏.‏

وقد يكون الإلزام مستحبّاً، وذلك عندما يكون موضوعه مستحبّاً، كإلزام الإمام رعيّته بالاجتماع على صلاة التّراويح في المساجد‏.‏

مواطن البحث

6- تتعدّد مواطن الإلزام بتعدّد أسبابه، فقد يكون بسبب الإكراه الملجئ على تفصيلٍ فيه‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ إكراه‏)‏‏.‏

ومن ذلك العقود الّتي يكون من آثارها الإلزام بعملٍ معيّنٍ كالبيع إذا تمّ، فإنّه يترتّب عليه إلزام البائع بتسليم المبيع وإلزام المشتري بتسليم الثّمن‏.‏ وكالإجارة إذا تمّت يترتّب عليها إلزام المستأجر بالقيام بالعمل ‏(‏ر‏:‏ عقد - بيع - إجارة‏)‏‏.‏

إلغاء

التّعريف

1 - الإلغاء مصدر ألغيت الشّيء أي‏:‏ أبطلته، ومنه الأثر عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يلغي طلاق المكره، أي يبطله‏.‏

ويعرّفه الأصوليّون بقولهم‏:‏ وجود الحكم بدون الوصف صورةً، وحاصله عدم تأثير الوصف أي العلّة‏.‏

ويأتي الإلغاء عند الفقهاء بمعنى‏:‏ الإبطال والإسقاط والفساد والفسخ، غير أنّه لا بدّ في تحقّق الإلغاء من قيام الحقّ أو الملك الّذي يراد إلغاؤه، إذ لا يصحّ إلغاء فعلٍ أو شيءٍ لم يوجد‏.‏

ويطلقه الأصوليّون في تقسيم المصالح إلى معتبرةٍ، ومرسلةٍ، وملغاةٍ، ويقصدون بهذه الأخيرة ما أبطله الشّرع، كإلغاء ما في الخمر والميسر والرّبا من مصالح‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الإبطال‏:‏

2 - الإبطال في اللّغة‏:‏ إفساد الشّيء وإزالته حقّاً كان ذلك الشّيء أو باطلاً، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ليحقّ الحقّ ويبطل الباطل‏}‏‏.‏

وشرعاً‏:‏ الحكم على الشّيء بالبطلان، ويأتي على ألسنة الفقهاء بمعنى الفسخ والإسقاط والنّقص والإلغاء‏.‏

وهو بهذا يكون بمعنى الإلغاء، إلاّ أنّ الإبطال قد يقع قبل وجود الشّيء، ولا يكون الإلغاء إلاّ بعد وجود الشّيء أو فعله‏.‏

ب - الإسقاط‏:‏

3 - من معاني الإسقاط لغةً‏:‏ الإزالة، وهو في اصطلاح الفقهاء‏:‏ إزالة الملك أو الحقّ لا إلى مالكٍ أو مستحقٍّ، كالطّلاق فإنّه إزالة ملك النّكاح، وكالعتق فإنّه إزالة ملك الرّقبة‏.‏ وعلى هذا يوافق الإلغاء في كونه لا بدّ من قيام الملك والحقّ الّذي يراد إسقاطه أو إلغاؤه حتّى يتحقّق الإسقاط والإلغاء، فيقال أسقط عنه الرّقّ‏:‏ ألغاه، كما أنّهما يكونان بعوضٍ وبغير عوضٍ‏.‏

ج - الفسخ‏:‏

4 - الفسخ لغةً‏:‏ النّقض، يقال فسخ الشّيء يفسخه فسخاً فانفسخ أي‏:‏ نقضه فانتقض، وتفاسخت الأقاويل‏:‏ تناقضت‏.‏

ويطلق اصطلاحاً على حلّ ارتباط العقد والتّصرّف وقلب كلّ واحدٍ من العوضين لصاحبه، وهو بهذا يكون فيه معنى الإلغاء والإبطال‏.‏

وقد يعبّر الفقهاء في المسألة الواحدة تارةً بالإلغاء والإبطال، وتارةً بالفسخ‏.‏ غير أنّ الفسخ غالباً ما يكون في العقود، ويقلّ في العبادات، ومنه‏:‏ فسخ الحجّ إلى العمرة، وفسخ نيّة الفرض إلى النّفل، غير أنّه يكون في العقود قبل تمامها، وعند تمامها بشروطٍ مثل خيار الشّرط وخيار الرّؤية وخيار العيب والإقالة‏.‏

الحكم الإجمالي

5 - أجاز العلماء إلغاء التّصرّفات والعقود غير اللّازمة من جانب العاقدين، أمّا في العقود اللّازمة من جانبٍ واحدٍ فإنّه يصحّ الإلغاء من الجانب الآخر غير الملتزم به كالوصيّة‏.‏

وأمّا في العقود والتّصرّفات الملزمة فلا يرد عليها الإلغاء بعد نفاذها إلاّ برضي العاقدين، كما في الإقالة، أو بوجود سببٍ مانعٍ من استمرار العقد كظهور الرّضاع بين الزّوج والزّوجة، وقد يكون هنا الإلغاء بمعنى الفسخ‏.‏

الإلغاء في الشّروط

6 - تنقسم الشّروط بالنّسبة إلى الإلغاء إلى أقسامٍ‏:‏

منها شروط يلغى بها العقد مطلقاً، لمخالفتها نصّاً من كتابٍ أو سنّةٍ، كما لو أقرض واشترط رباً على القرض‏.‏

ومنها شروط لاغية ولا تبطل العقد، كما إذا باع ثوباً على ألاّ يبيعه المشتري أو لا يهبه، جاز البيع ويلغى الشّرط كما هو الصّحيح عند الحنفيّة‏.‏

وشروط غير لاغيةٍ تصحّ ويصحّ بها العقد، لأنّها توثيق للعقد، كما إذا اشترط رهناً أو كفيلاً بالبيع‏.‏

إلغاء التّصرّفات

7 - تلغى التّصرّفات الّتي لا يقرّها الشّارع، مثل رهن الخمر وبيع الميتة ونذر المعصية، كما تلغى تصرّفات عديم الأهليّة كالمجنون والسّفيه، على تفصيلٍ ‏(‏ر‏:‏ حجر‏)‏‏.‏

الإلغاء في الإقرار

8 - وذلك إذا كذّبه الظّاهر، أو كذّب المقرّ نفسه، أو رجع فيما يحقّ له الرّجوع فيه وهو حقوق اللّه‏.‏ ومنها الحدود، وتفصيله في ‏(‏الإقرار‏)‏‏.‏

إلغاء الفارق المؤثّر بين الأصل والفرع

9 - وهو يستلزم اتّحاد الحكم بينهما ‏(‏ر‏:‏ إلغاء الفارق‏)‏‏.‏

إلغاء الفارق

التّعريف

1 - الإلغاء في اللّغة هو‏:‏ الإبطال‏.‏ والفارق اسم فاعلٍ من فرقّ بين الشّيئين‏:‏ إذا فصل بينهما‏.‏

وإلغاء الفارق عند الأصوليّين‏:‏ بيان عدم تأثير الفارق بين الأصل والفرع في القياس، فيثبت الحكم لما اشتركا فيه، وذلك كإلحاق الأمة بالعبد في سراية العتق من بعضه إلى سائره‏.‏ وهذه السّراية في العبد ثابتة بحديث الصّحيحين‏:‏ «من أعتق شركاً له في عبدٍ فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوّم عليه قيمة عدلٍ فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلاّ فقد عتق منه ما عتق» فالفارق بين الأمة والعبد هو الأنوثة، ولا تأثير لها في السّراية ومنه أيضاً أنّ الآية‏:‏ ‏{‏والّذين يرمون المحصنات ثمّ لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدةً‏}‏ تقتضي حدّ قاذف المرأة المحصنة، وسكتت عن قذف الرّجال المحصنين، فيلحقون بهنّ، لأنّ الفارق الأنوثة وهي ملغاة، أي لا أثر لها في الحكم‏.‏ وبعضهم عبّر عنه بنفي الفارق‏.‏ وشبيه به‏:‏ ‏"‏ إلغاء التّفاوت ‏"‏ ومقابله‏:‏ إبداء الفارق، أو إبداء الخصوصيّة أو الفرق‏.‏ وهو من قوادح العلّة‏.‏ ويسمّى القياس المعتمد على إلغاء الفارق ‏"‏ القياس في معنى الأصل ‏"‏ أو ‏"‏ قياس المعنى ‏"‏‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

2 - هناك مصطلحان أصوليّان ملتبسان بإلغاء الفارق أشدّ التباسٍ وأخفاه‏.‏

أوّلهما‏:‏ تنقيح المناط‏.‏ ويسمّيه الحنفيّة الاستدلال، وهو أن يدلّ نصّ ظاهر على التّعليل بوصفٍ، فيحذف خصوصه عن الاعتبار بالاجتهاد، ويناط الحكم بالأعمّ، أو ككون أوصافٍ في محلّ الحكم، فيحذف بعضها عن الاعتبار بالاجتهاد ويناط الحكم بالباقي‏.‏

وثانيهما‏:‏ السّبر والتّقسيم‏.‏ وهو حصر الأوصاف الموجودة في الأصل المقيس عليه وإبطال ما لا يصلح منها للعلّيّة، فيتعيّن الباقي لها‏.‏

والفرق بين تنقيح المناط والسّبر والتّقسيم أنّ الوصف في تنقيح المناط في شقّه الأوّل منصوص عليه، بخلافه في السّبر والتّقسيم، وفي الشّقّ الثّاني منه‏:‏ إنّما هو في حذف ما لا يصلح للعلّيّة وفي تعيين الباقي لها، وفي السّبر الاجتهاد في الحذف فقط، فيتعيّن الباقي للعلّيّة‏.‏ وإلغاء الفارق قريب من السّبر إلاّ أنّه في السّبر يبطل الجميع إلاّ واحداً، وفي إلغاء الفارق يبطل واحد فتتعيّن العلّة بين الباقي، والباقي موجود في الفرع فيلزم اشتماله على العلّة‏.‏

ويبدو من تعريفي إلغاء الفارق وتنقيح المناط أنّ الملغى في إلغاء الفارق وصف موجود في الفرع، بخلاف الملغى في تنقيح المناط فهو وصف في الأصل المقيس عليه، كما أنّ إلغاء الفارق ليس فيه تعيين للعلّة، وإنّما يحصل الإلحاق بمجرّد الإلغاء، بخلاف تنقيح المناط ففيه اجتهاد في تعيين الباقي من الأوصاف للعلّيّة‏.‏

الحكم الإجمالي

3 - اختلف الأصوليّون في عدّ إلغاء الفارق من مسالك العلّة، فذكره بعضهم كصاحب كتاب المقترح، وابن السّبكيّ في جمع الجوامع، بل ذكر ابن قدامة في كتاب ‏"‏ روضة النّاظر ‏"‏ الخلاف في تسمية إلحاق المسكوت بالمنطوق قياساً إذا كان طريقه نفي الفارق المؤثّر على سبيل القطع‏.‏ ولم يعدّه أحد من الجدليّين من مسالك التّعليل‏.‏

وتمام الكلام عليه محلّه الملحق الأصوليّ‏.‏

مواطن البحث

4 - ذكر بعض الأصوليّين إلغاء الفارق في مبحث العلّة من مباحث القياس عند كلامهم على مسالك العلّة، كما ذكروه في تقسيم القياس إلى جليٍّ وخفيٍّ، حيث إنّ الجليّ ما قطع فيه بنفي الفارق، أو كان تأثير الفارق فيه احتمالاً ضعيفاً، والخفيّ بخلافه‏.‏ كما ذكروه في تقسيم القياس باعتبار علّته إلى قياس علّةٍ وقياس دلالةٍ وقياسٍ في معنى الأصل، وأنّ القياس في معنى الأصل هو ما يكون القياس بإلغاء الفارق فيه‏.‏

إلهام

التّعريف

1 - الإلهام لغةً‏:‏ مصدر ألهم، يقال‏:‏ ألهمه اللّه خيراً أي لقّنه إيّاه، والإلهام أن يلقي اللّه في النّفس أمراً يبعث على الفعل أو التّرك، وهو نوع من الوحي يخصّ اللّه به من يشاء من عباده‏.‏

وعند الأصوليّين‏:‏ إيقاع شيءٍ في القلب يطمئنّ له الصّدر يخصّ به اللّه سبحانه بعض أصفيائه‏.‏

وقد عدّ الأصوليّين الإلهام نوعاً من أنواع الوحي إلى الأنبياء، وفي كتاب التّقرير والتّحبير عن الإلهام من اللّه لرسوله‏:‏ أنّه إلقاء معنًى في القلب بلا واسطة عبارة الملك وإشارته مقرونٍ بخلق علمٍ ضروريٍّ أنّ ذلك المعنى منه تعالى‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الوسوسة‏:‏

2 - الوسوسة‏:‏ إلقاء معنًى في النّفس بمباشرة سببٍ نشأ من الشّيطان له‏.‏

ب - التّحرّي‏:‏

3 - التّحرّي فيه بذل جهدٍ وإعمال فكرٍ، أمّا الإلهام فيقع بلا كسبٍ‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

4 - يتّفق الأصوليّون على أنّ الإلهام من اللّه تعالى لأنبيائه حقّ، وهو بالنّسبة للنّبيّ صلى الله عليه وسلم حجّة في حقّه، كذلك هو في حقّ أمّته، ويكفر منكر حقيقته، ويفسق تارك العمل به كالقرآن‏.‏

أمّا إلهام غير الأنبياء من المسلمين، فإنّه ليس بحجّةٍ، لأنّ من ليس معصوماً لا ثقة بخواطره لأنّه لا يأمن من دسيسة الشّيطان فيها، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو المختار عند الحنفيّة، ولا عبرة بما قاله قوم من الصّوفيّة بأنّه حجّة في الأحكام‏.‏

وقيل‏:‏ هو حجّة على الملهم لا على غيره، إذا لم يكن له معارض من نصٍّ أو اجتهادٍ أو خاطرٍ آخر، وهذا ذكره غير واحدٍ، فيجب العمل به في حقّ الملهم، ولا يجوز أن يدعو غيره إليه‏.‏ واعتمده الإمام الرّازيّ في أدلّة القبلة، وابن الصّبّاغ من الشّافعيّة‏.‏

وهل هو في حقّ الأنبياء من الوحي الظّاهر أم الوحي الباطن خلاف بين الأصوليّين‏.‏

أولو الأرحام

انظر‏:‏ أرحام‏.‏

أولو الأمر

التّعريف

1 - ‏"‏ أولو ‏"‏ من الألفاظ الملازمة للإضافة نحو‏:‏ أولو الرّأي، أي أصحاب الرّأي، وهو اسم جمعٍ واحده ‏"‏ ذو ‏"‏ وليس له مفرد من لفظه‏.‏

والأمر في اللّغة‏:‏ يكون بمعنى‏:‏ طلب الفعل على طريق الاستعلاء، وجمعه أوامر، ويكون بمعنى‏:‏ الشّأن والحال، وجمعه أمور‏.‏

وأولو الأمر‏:‏ الرّؤساء والعلماء‏.‏ وقد ورد في أولي الأمر قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم‏}‏‏.‏

2 - وأصحّ الأقوال الواردة في المراد بأولي الأمر قولان‏:‏

الأوّل‏:‏ أهل القرآن والعلم وهو اختيار مالكٍ، ونحوه قول ابن عبّاسٍ، والضّحّاك، ومجاهدٍ، وعطاءٍ قالوا‏:‏ هم الفقهاء والعلماء في الدّين‏.‏ ذلك لأنّ أصل الأمر منهم والحكم إليهم‏.‏

الثّاني‏:‏ قال الطّبريّ عنه‏:‏ هو أولى الأقوال بالصّواب‏:‏ هم الأمراء والولاة، لصحّة الأخبار عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الأئمّة والولاة، فيما كان للّه طاعةً وللمسلمين مصلحةً‏.‏

ويشمل أمراء المسلمين في عهد الرّسول صلى الله عليه وسلم وبعده، ويندرج فيهم الخلفاء والسّلاطين والأمراء، والقضاة وغيرهم ممّن له ولاية عامّة‏.‏

كما أنّ منهم أمراء السّرايا، وروي ذلك عن أبي هريرة وميمون بن مهران وابن أبي حاتمٍ عن السّدّيّ، وأخرجه ابن عساكر عن ابن صالحٍ عن ابن عبّاسٍ‏.‏

هذا، وقد حمله كثير من العلماء على ما يعمّ الجميع، لتناول الاسم لهم، لأنّ للأمراء تدبير الجيش، والقتال، وللعلماء حفظ الشّريعة وبيان ما يجوز ممّا لا يجوز‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أولياء الأمور‏:‏

3 - يشمل أولياء الأمور كلّ من له ولاية على غيره، سواء أكانت عامّةً أم خاصّةً، ومن ذلك وليّ اليتيم، والقيّم على المجنون، ووليّ المرأة في الزّواج، فضلاً عمّن سبق ذكرهم من أصحاب الولاية العامّة من الخليفة فمن دونه‏.‏

الشّروط المعتبرة في أولي الأمر إجمالاً‏:‏

4 - يشترط فيمن يولّى الخلافة - وهي أعلى درجات أولي الأمر-‏:‏ الإسلام، والحرّيّة، والبلوغ، والعقل، والذّكورة، والعلم، والعدالة بشروطها الجامعة، والكفاية‏.‏

فالعلم يقصد به‏:‏ العلم المؤدّي إلى التّصرّف المشروع في الأمور العامّة‏.‏ والعدالة يقصد بها هاهنا‏:‏ الاستقامة في السّيرة والتّجنّب للمعاصي‏.‏

والكفاية يقصد بها‏:‏ أن يكون قادراً على إقامة الحدود، بصيراً بالحروب، كفيلاً بحمل النّاس عليها، مع سلامة الحواسّ كالسّمع والبصر واللّسان، ليصحّ معها مباشرة ما يدرك بها، والمقصود سلامتها ممّا يؤثّر في الرّأي والعقل، ومن سلامة الأعضاء من نقصٍ يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النّهوض، والمقصود سلامتها ممّا يؤثّر في الرّأي والعمل، ويكون متّصفاً بالشّجاعة والنّجدة المؤدّية إلى حماية البيضة، وجهاد العدوّ، وأن يكون ذا رأيٍ يؤهّله لسياسة الرّعيّة، وتدبير المصالح، قيّماً بأمر الحرب والسّياسة‏.‏ وإقامة الحدود لا تلحقه رأفة في ذلك‏.‏

أمّا من دون الخليفة من أولي الأمر فلهم شروط أقلّ ممّا ذكر، بحسب ما يلونه من أمور المسلمين، وتعرف في أبواب القضاء والجهاد ونحوهما‏.‏ ومرجعها إلى توافر القوّة والأمانة‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏‏{‏إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين‏}‏‏.‏

5 - ما يجب لأولي الأمر على الرّعيّة‏:‏

أولاً - طاعة أولي الأمر‏:‏

دلّت النّصوص من القرآن والسّنّة على وجوب طاعة أولي الأمر، وأنّ معصيتهم حرام، ولكن الطّاعة الواجب على الأمّة التّقيّد بها ليست طاعةً مطلقةً‏.‏ وإنّما هي طاعة في حدود الشّرع‏.‏

وقد أمر اللّه تعالى بالطّاعة لأولي الأمر في قوله عزّ وجلّ‏:‏ ‏{‏يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم‏}‏ وتسمّى هذه الآية ‏(‏آية الأمراء‏)‏‏.‏

والطّاعة أمر أساسيّ لوجود الانضباط في الدّولة‏.‏

والطّاعة‏:‏ امتثال الأمر‏.‏ وهي مأخوذة من أطاع إذا انقاد‏.‏

ووجوب طاعة اللّه وطاعة رسوله مستفاد من قوله تعالى ‏{‏أطيعوا اللّه، وأطيعوا الرّسول‏}‏ لأنّ ‏(‏أطيعوا‏)‏ أمر، والأمر يتعيّن للوجوب إذا حفّت به قرينة تصرف إليه، وقد تضمّن النّصّ قرينةً جازمةً تصرف الأمر إلى الوجوب، وذلك بربط الطّاعة بالإيمان باللّه واليوم الآخر أي حقيقةً‏.‏

واللّه سبحانه أمر بالطّاعة طاعةً مطلقةً غير مقيّدةٍ، ثمّ جاءت السّنّة تقيّد الطّاعة بما لا يكون معصيةً، فعن ابن عمر أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «على المرء المسلم الطّاعة فيما أحبّ وكره، إلاّ أن يؤمر بمعصيةٍ، فإذا أمر بمعصيةٍ فلا سمع ولا طاعة»‏.‏ وعن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال‏:‏ «لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق» وعن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «من أطاعني فقد أطاع اللّه، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى اللّه، ومن عصى أميري فقد عصاني» ويقول الطّبريّ‏:‏ إنّ الّذين أمر اللّه تعالى بطاعتهم في الآية ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ هم الأئمّة ومن ولّاه المسلمون دون غيرهم من النّاس‏.‏

ثانياً‏:‏ أن يفوّضوا الأمر إليهم وإلى أهل العلم بالدّين وأهل الخبرة ويكلوه إلى تدبيرهم، حتّى لا تختلف الآراء‏.‏ قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏ولو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم‏}‏‏.‏

ثالثاً‏:‏ النّصرة لأولي الأمر في غير المعصية‏.‏

رابعاً‏:‏ النّصح لهم‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «الدّين النّصيحة للّه ولرسوله ولكتابه ولأئمّة المسلمين وعامّتهم»‏.‏

واجبات أولي الأمر

6 - يجب عليهم التّصرّف بما فيه المصلحة العامّة للمسلمين، كلّ في مجاله وبحسب سلطته‏.‏ وفي ذلك القاعدة الشّرعيّة ‏"‏ التّصرّف على الرّعيّة منوط بالمصلحة ‏"‏ وبالتّفصيل ما يلي‏:‏

أولاً‏:‏ حفظ الدّين على أصوله المستقرّة وما أجمع عليه سلف الأمّة، فإن زاغ ذو شبهةٍ عنه أوضح له الحجّة، وبيّن له الصّواب، وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود، ليكون الدّين محروساً من الخلل، والأمّة ممنوعةً من الزّلل‏.‏

ثانياً‏:‏ تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بينهم، حتّى تظهر النّصفة، فلا يتعدّى ظالم ولا يضعف مظلوم‏.‏

ثالثاً‏:‏ حماية الدّولة والذّبّ عن الحوزة، ليتصرّف النّاس في المعايش، وينتشروا في الأسفار آمنين‏.‏

رابعاً‏:‏ إقامة الحدود، لتصان محارم اللّه تعالى عن الانتهاك، وتحفظ حقوق عباده من إتلافٍ واستهلاكٍ‏.‏

خامساً‏:‏ تحصين الثّغور بالعدّة المانعة والقوّة الدّافعة، حتّى لا يظفر الأعداء بثغرةٍ ينتهكون بها محرماً، ويسفكون فيها دماً لمسلمٍ أو معاهدٍ‏.‏

سادساً‏:‏ جهاد من عاند الإسلام بعد الدّعوة حتّى يسلم، أو يدخل في الذّمّة‏.‏

سابعاً‏:‏ قتال أهل البغي والمحاربين وقطّاع الطّريق، وتوقيع المعاهدات وعقود الذّمّة والهدنة والجزية‏.‏ والتّفصيل موطنه مصطلح ‏(‏الإمامة الكبرى‏)‏‏.‏

ثامناً‏:‏ تعيين الوزراء، وولايتهم عامّة في الأعمال العامّة لأنّهم يستنابون في جميع الأمور من غير تخصيصٍ‏.‏

تاسعاً‏:‏ تعيين الأمراء ‏(‏المحافظين‏)‏ للأقاليم، وولايتهم عامّة في أعمالٍ خاصّةٍ، لأنّ النّظر فيما خصّوا به من الأعمال عامّ في جميع الأمور‏.‏

عاشراً‏:‏ تعيين القضاة وأمراء الحجّ، ورؤساء الجيش، وولايتهم خاصّةً في الأعمال العامّة، لأنّ كلّ واحدٍ منهم مقصور على نظرٍ خاصٍّ في جميع الأعمال‏.‏ وكذا تعيين الأئمّة للصّلوات الخمس والجمعة، ولكلّ واحدٍ من هؤلاء شروط تنعقد بها ولايته‏.‏

أحد عشر‏:‏ تقدير العطاء وما يستحقّ من بيت المال ‏(‏الميزانيّة العامّة‏)‏ من غير سرفٍ ولا تقصيرٍ فيه‏.‏ والتّفصيل موطنه مصطلح ‏(‏الإمامة الكبرى‏)‏‏.‏

اثنا عشر‏:‏ استكفاء الأمناء، وتقليد النّصحاء فيما يفوّض إليهم من الأعمال، ويكله إليهم من الأموال، لتكون الأعمال مضبوطةً والأموال محفوظةً‏.‏

ثلاث عشر‏:‏ أن يباشر بنفسه أو بأعوانه الموثوق بهم مشارفة الأمور، وتصفّح الأحوال لينهض بسياسة الأمّة‏.‏

أربع عشر‏:‏ مشاورة ذوي الرّأي‏:‏ وتعتبر المشاورة مبدأً من أهمّ المبادئ الإسلاميّة، وقاعدةً من أهمّ القواعد الأساسيّة في الولايات العامّة‏.‏ وقد جاءت الدّعوة إلى الشّورى صريحةً في القرآن الكريم في آيتين منه الأولى‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فبما رحمةٍ من اللّه لنت لهم ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر‏}‏‏.‏ والثّانية‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والّذين استجابوا لربّهم وأقاموا الصّلاة وأمرهم شورى بينهم وممّا رزقناهم ينفقون‏}‏‏.‏ والتّفصيل موطنه ‏(‏إمامة كبرى‏)‏‏.‏

ألية

التّعريف

1 - الألية‏:‏ هي العجيزة، أو ما ركب العجز من لحمٍ وشحمٍ‏.‏

ولا يختلف المعنى عند الفقهاء عن ذلك، فقد قالوا‏:‏ إنّها اللّحم النّاتئ بين الظّهر والفخذ‏.‏ والفخذ يلي الرّكبة، وفوقه الورك، وفوقه الألية‏.‏

الحكم الإجماليّ ومواطن البحث

2 - يتعلّق بالألية عدّة أحكامٍ في مواضع متفرّقةٍ من أبواب الفقه منها‏:‏

أ - في نواقض الوضوء‏:‏ يرى الحنفيّة والشّافعيّة أنّ المتوضّئ إذا نام ومكّن أليته من الأرض فلا ينتقض وضوءه، لأمن خروج ما ينتقض به وضوءه‏.‏

ولم يعتبر المالكيّة هيئة النّائم، بل المعتبر عندهم صفة النّوم وحدها ثقلاً أو خفّةً، والحنابلة ينظرون إلى صفة النّوم وهيئة النّائم معاً، فمتى كان النّائم ممكّناً مقعدته من الأرض فلا ينقض إلاّ النّوم الكثير‏.‏

ب - في الأضحيّة‏:‏ يختلف الفقهاء في إجزاء الشّاة إن كانت دون أليةٍ، وتسمّى البتراء أو مقطوعة الذّنب، ولهم في ذلك أربعة أقوالٍ‏:‏

الأوّل‏:‏ عدم الإجزاء مطلقاً، وهو قول المالكيّة‏.‏

الثّاني‏:‏ الإجزاء إن كانت مخلوقةً دون أليةٍ، أمّا مقطوعة الألية فإنّها لا تجزئ، وهو الأصحّ عند الشّافعيّة‏.‏

الثّالث‏:‏ التّفريق بين ما إذا قطع الأكثر أو الأقلّ، فإن قطع الأكثر تجزئ، وتجزئ إن بقي الأكثر، لأنّ للأكثر حكم الكلّ بقاءً وذهاباً، وهو قول الحنفيّة‏.‏

الرّابع‏:‏ الإجزاء مطلقاً‏.‏ وهو قول الحنابلة‏.‏ وممّن كان لا يرى بأساً بالبتراء‏:‏ ابن عمر وسعيد بن المسيّب والحسن وسعيد بن جبيرٍ والحكم‏.‏

ج - وفي الجناية على الألية عمداً القصاص عند جمهور الفقهاء، لأنّ لها حدّاً تنتهي إليه‏.‏ وقال المزنيّ‏:‏ لا قصاص فيها، لأنّها لحم متّصل بلحمٍ، فأشبه لحم الفخذ‏.‏

فإن كانت الجناية خطأً ففي الألية نصف ديةٍ وفي الأليتين الدّية الكاملة عند أغلب الفقهاء‏.‏ وقال المالكيّة‏:‏ في الألية حكومة عدلٍ، سواء أكانت ألية رجلٍ أم ألية امرأةٍ، هذا باستثناء أشهب، فإنّه فرّق بين ألية الرّجل وألية المرأة، فأوجب في الأولى حكومةً، وفي الثّانية الدّية، لأنّها أعظم على المرأة من ثديها‏.‏

وبالإضافة إلى المواضع السّابقة يتكلّم الفقهاء عنها عند الافتراش في قعدات الصّلاة، وعند التّورّك‏.‏ وفي تكفين الميّت يتكلّمون عن شدّ الأليين غرفة بعد وضع قطنٍ بينهما، ليؤمن من خروج شيءٍ من الميّت‏.‏

أليّة

انظر‏:‏ أيمان‏.‏

إماء

انظر‏:‏ رقّ‏.‏